اقتحمت الغرفة قبل أن استطيع منعها .
مشيت وراءها ببطء ، انتظر أن يخفت حماسها ، فتخرج واقفل باب عالمي من جديد !
- واااوو كل هذه روايات !
قالتها الصغيرة وهي تتلمس المجلدات بدهشة
لتكمل
- ظننت انك تقرأين الكتب المملة فقط !
همستها بسخرية مع رفعة حاجب لطيفة ، لم اتمالك نفسي ابتسمت لها بصدق وملامحي تتخلى عن جمودها :
- اعرفكِ بصديقاتي
قلتها وانا اشير للزواية بقربها والتي تحوي ارفف الروايات !
- يقولون رفيق ليس صديق !
قالتها بنبرة لازالت تحمل اثر سخريتها السابق !
قهقهت وقد عَلِمتُ انها قد عرفت بذكائها من أي باب تدخل فيه لأفكاري !
- يقولون رفيق ، لكني اقول صديق ، داخل كل مجلد هنا حكاية ، شخصيات ، عالم كامل ، يدخلك لمتاهات من التفاصيل التي تجعلك جزء منها دون أن تشعر ، فتتخذ صديق من ذلك عالم وربما عائلة او حبيب !
صَمتتْ قليلاً ، احاول ترتيب كلماتي واختصارها لتستوعبها تلك الفتاة الصغيرة :
- حين تبدأ القرآءة بأي رواية جديدة ، لا تعلم الى أين تُلقي بك ، وماذا ستأخذ منك ، وكيف ستتغير في آخر صفحة تقرأها !
ستظنين أن الكتب لا تؤذيك ولا تخذلك ، لكنكِ حين تغوصين فيها ستختبرين كل تلك المشاعر ، كالبشر تماماً ، منها ما سيفرحك ، وما سيحزنك ، وما يخيب ظنك ، ويدهشك وربما يطعن قلبك بخيانته !
والعجيب أن الرواية قد يقرأها الملايين مع ذلك لن يعطوكِ نفس الرأي لها ، البعض سيحبها والآخر لا ، كما قلت لكِ كالبشر تماما ففي عالمنا هذا للأشرار معجبون وللطيبيون كارهون !
اخرجت كتاب من بينها واعطيتها إياه :
- اقرأي هذه ثم عودي إذا انتهيتِ منه ، ربما إذا سمعت تلخيص يعجبني منك اعطيكِ واحداً آخر !
قلتها لتتلقفه يديها بسرور لم تخفه وهي تركض به ، تاركة إياي ، اعيد ترتيب صديقاتي على الأرفف وامسح عليها ، هامسة :
- سأعطي فرصة أخيرة للبشر حولي ، فرصة أخيرة !